مساحة للاختلاف

صلاح منتصر يكتب : الجائزة الكبرى ‏!‏

الأحد الماضي أكرمني الله وكنت بين نحو مليوني حاج وقفوا فوق عرفات محملا بأمانة الدعاء لعدد كبير من الأهل والأصدقاء وأيضا الكثيرين الذين اتصلوا بي للتهنئة فكنت أسأل كلا منهم عن الدعاء الذي يحبه لأكرره علي مسمعه في المحمول.

أثار اهتمامي أن كثيرين ذكروا لي اسم الأم فلان ابن فلانة مما جعلني في المكان المقدس أتساءل بيني وبين نفسي هل المولي جل وعلا والذي يعلم عن عباده كل صغيرة وكبيرة في انتظار ـ أستغفر الله ـ معرفة اسم أم الشخص حتي يستدل عليه؟

سألت وبحثت ووجدت قوله تعالي ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله (الأحزاب) وفي الإشارة إلي سيد الخلق نقول محمد بن عبد الله بن عبد المطلب أي أننا نذكره بالأب، وفي حديث رواه أبو داود وأحمد والدارمي أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فأحسنوا أسماءكم وهذا لا يلغي أو يقلل من الأم فهي النسب المؤكد للابن الذي لا خلاف عليه، كما أن الحديث المشهور أمك ثم أمك أعطي للأم المكانة الخاصة التي تستحقها من الأبناء، ولهذا أقنعت نفسي أن ذكر اسم أم الشخص في الدعاء له هو الذي سيدل عليه، بل إنني رحت أدعو لمن يرد علي خاطري، وأنا واثق أن الله يعرف من أقصد بالدعاء دون أن أبوح باسمه والله أعلم.

كان سفري للحج مع صديقي الدكتور زاهي حواس ـ وله حكاية سأرويها ـ دون أي جلبة وقد دهشت لـ كم التليفونات التي تلقيتها وأنا في عرفات، فقد نسيت أنه في هذا اليوم تركت للنشر عمود الملايين التي أوهمني أحد مراكز النصب فوزي بها، وقد تسابق المهنئون دون انتظار قراءة نهاية المقلب الذي صدقته ولم أقع فيه وراحوا يعددون طلباتهم ومنهم من ذكرني بدمياط وضرورة تبرعي لها بمليون جنيه، وسواء كانت تليفوناتهم التي تحملت تكلفتها عن حب أو مشاعر أخري فقد سعدت بها ودعوت لكل منهم بصورة مباشرة علي التليفون، فقد كانت فرحتي بالوقوف علي عرفات الجائزة الكبري التي تفوق حسناتها ـ لو تقبلها الله ـ أية جائزة أخري.

اظهر المزيد

صلاح منتصر

(6 أغسطس 1933 - 15 مايو 2022) .. كاتب وصحفي مصري شهير بجريدة الأهرام وصاحب عمود يومي بعنوان مجرد رأي. تولى منصب رئيس تحرير ورئيس مجلس إدارة مجلة (أكتوبر) ورئيس مجلس إدارة (مؤسسة دار المعارف) للطبع والنشر. ومن أشهر مقالاته (أنت سيد قرارك) المقررة على الثانوية العامة والتي تدعو إلى الإقلاع عن التدخين. كما كان عضوًا لمجلس الشورى وعضوًا للمجلس الأعلى للصحافة في مصر، ورئيسًا لمجلس إدارة المركز الإعلامي العربي. ولد وتربى في مدينة دمياط، والتحق بكلية الحقوق ثم قام بالعمل مع الأستاذ حسنين هيكل كصحفي بمؤسسة الأهرام إلى أن وصل إلى أعلى درجات الصحافة، ثم بدأ بالكتابة بعموده الشهير «مجرد رأي» والذي اشتهر به خلال السنوات الماضية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى