الأكاديميةالعالم الآخرصندوق الدنيامنوعات

مطاردة الأشباح .. وظيفة حقيقية في أمريكا.. هل تريد ممارستها؟ .. صور

عندما اقتنع العاملون في مطعم “نيدوز” الإيطالي في الولايات المتحدة أن لديهم شبحًا يحوم في أرجاء المكان على نحو خارج عن السيطرة، كانوا يعرفون تمامًا بمن سيتصلون.

هاتف العاملون بمطعم “نيدوز” فريق صائدي أشباح حقيقي يعمل في الولايات المتحدة. وبعد بضعة أيام، حضر فريق من خمسة أفراد تابع لشركة “ديد أوف نايت” لتقصي الظواهر الخارقة للطبيعة، إلى المطعم بمدينة فريدريك بولاية مريلاند، للاضطلاع بمهام البحث والتحقيق.

وبعد أن تحدث الفريق إلى العاملين في المطعم من النُدل والطهاة الذين قالوا إن هناك شيئًا غير مرئي يضرب الدرج برجليه صعودًا ونزولًا، بدأ الفريق في ممارسة مهامه.

وضع الفريق، الذي يرتدي جميع أفراده قمصانا سوداء قصيرة الأكمام، منقوش عليها اسم الشركة، جهاز فيديو وكاميرات للتصوير الحراري في أرجاء المطعم لالتقاط أي حركة للأشباح. ثم شغلوا أحد الأجهزة الأساسية من بين مجموعة المعدات التي يحملونها، ويسمى “جهاز الصوت”.

ويرصد هذا الجهاز الإلكتروني، الذي لا يتجاوز حجمه كف اليد، الترددات اللاسلكية العديدة سريعًا، ومن شأن هذه الترددات، على حد قولهم، إن كنت تؤمن بمثل هذه الأمور، أن تحدث مصدرًا للطاقة تستعين به الأرواح لكي تتحدث بشكل واضح يمكن سماعة.

وبعد وقت قليل، ربما كان هناك شبح ما، يُعتقد أن اسمه “مالكولم”، نطق بكلمة “ساعدوني”.

وتقول ليان بور، إحدى أعضاء فريق “ديد أوف نايت”: “تظهر خوارق الطبيعة إلى العلن في صور شتى”.

وسواء كنت تؤمن بوجود الأشباح أم لا، فإنه مع صدور فيلم “صائدو الأشباح”، في 2016، وما صاحبه من حملة ترويجية مكثفة، ظهر الاهتمام بفكرة مطاردة الأشباح، وهو ما يتكرر كلما تعرضت السينما الأمريكية لهذه الوظيفة أو صدرت رواية تتكلم عنها.

وعلى الرغم من أن أحداث فيلم “صائدو الأشباح” (جوست باسترز) كانت محض خيال، فإن هناك الآلاف من مطاردي الأشباح الحقيقيين حول العالم، مثل فريق “ديد أوف نايت”.

ويوضح موقع “بارانورمال سوسايتيز دوت كوم”، الذي يزعم أنه أكبر دليل يُسترشد به عن أسماء الجماعات المعنية بالظواهر الخارقة للطبيعة، أن الولايات المتحدة تتصدر هذا المجال بلا منازع، إذ يضم الدليل 3 آلاف و600 جماعة أمريكية معنية بالتعامل مع الظواهر الخارقة للطبيعة.

كما يدرج الدليل في الوقت الحالي 53 مؤسسة من هذا النوع في كندا، و57 مؤسسة في المملكة المتحدة.

وبما أن فيلم “صائدو الأشباح” قد نال استحسان غالبية من شاهدوه، فمن المرجح أن يحقق إيرادات كبيرة في شباك التذاكر في الولايات المتحدة الأمريكية. وقد يزداد على إثر ذلك نشاط المؤسسات المعنية بتقصي الظواهر الخارقة للطبيعة، مثل “ديد أوف نايت”، إذا ما ألهب الفيلم خيال مشاهديه.

الجدية

وتقول بور، البالغة من العمر 36 سنة، والتي تعمل مُدرّسة في الصباح: “إن صدور هذا الفيلم أمر مثير، وإذا ما أضفنا إلي ذلك عدد البرامج التي تعنى بالظواهر الخارقة للطبيعة على شاشة التلفاز، فسنستدل على مدى تنامي اهتمام الناس بهذا الأمر”.

ولكن بور تحذر من أن مطاردة الأِشباح الحقيقية أقل إثارة ومتعة من تلك التي صورها فيلم “صائدو الأشباح” الذي يمكنك أن تراه على شاشة السينما حاليا.

وتقول بور: “ما نفعله في الحقيقة يختلف قليلًا عن الفيلم، لأن لمهنتنا جانبا جادا، فنحن لا نستخدم سلاح الطاقة الذي يستخدمه صائدو الأشباح في الفيلم لإضعاف الأشباح والإمساك بهم. نحن نريد أن نعيش في سلام مع الأرواح”.

إن المحقق في مجال الظواهر الخارقة للطبيعة لا يحتاج إلى مؤهلات رسمية، ولا استصدار تراخيص، كما لا يشترط أن يؤمن بالأشباح.

وتنظم شركة مطاردة الأشباح “داسك تيل دون” (من مغيب الشمس حتى الفجر) رحلات إلى المباني المهجورة.

ولكن تمهل، قبل أن تحول سيارات إلى “مركبة متنقلة لمطاردة الأشباح”، أو تبدأ في تصميم الزي الخاص بمطاردة الأشباح، فلتضع في اعتبارك أن أغلب مطاردي الأشباح لا يتقاضون أجرًا مقابل عمليات البحث والتحري.

وهذا لأن النتائج التي يتوصلون إليها قد تُفسر بطرق مختلفة وفقا للمبالغ التي قد تدفع إليهم، وهذا يتوقف على كونك تؤمن بوجود الأشباح أو لا تؤمن بوجودها، كما أنهم يريدون أن يلبوا توقعات العميل.

ويقول سبنسر تشامبرلين، مؤسس شركة “إيست كوست” للأبحاث والتقصي عن الظواهر الخارقة للطبيعة، في روكفيل بولاية ميريلاند: “يتصل بنا الناس في المعتاد لأنهم يريدوننا أن نقول إن هناك شيئًا ما خارقا للطبيعة، وقد لا يحصلون على الإجابة التي يريدونها”.

وأردف قائلًا: “ولكن إذا كنت تدفع لشخص ما أجرًا ليأتي ويقول لك إنه يوجد شبح، فسيؤكد لك أن هناك شبحًا بالفعل”.

وتقول فرق العمل المهتمة بالتقصي عن الظواهر الخارقة للطبيعة، مثل “ديد أوف نايت” و”إيست كوست للأبحاث” إنها من خلال عدم تقاضي أجر مقابل ما تقوم به من مهام، يمكنها أن تتحرى الدقة وتلتزم بالأسلوب العلمي قدر الإمكان.

جميع الأنواع

ويجني طاردو الأشباح الأموال في المقابل من خلال تنظيم حفلات ورحلات عامة، كزيارات للمنازل أو الشوارع التي يقال إنها مسكونة بالأرواح أو الأشباح.

وتنظم بور وسائر فريق “ديد أوف نايت” جولات برفقة أحد مطاردي الأشباح إلى الأماكن المهجورة في مدينة إليكوت التاريخية بولاية ميريلاند، منذ نحو 18 شهرًا.

إذ يتقاضون 15 دولارًا أمريكيًا، ما يعادل 11.40 جنيهًا استرلينيًا، عن الفرد الواحد، وتستقطب الرحلة في المعتاد 10 أشخاص أو أكثر.

وتقول بور، إنهم يهدفون إلى تسلية الناس وتثقيفهم في مجال الظواهر الخارقة للطبيعة.

كما تنظم مجموعة أخرى معنية بالظواهر الخارقة للطبيعة تسمى “داسك تيل دون” (من مغيب الشمس حتى الفجر) بنوتنغهام في المملكة المتحدة، رحلات إلى الأماكن المسكونة.

وتنظم هذه المجموعة رحلتين أو ثلاث رحلات في عطلة نهاية الأسبوع، تتضمن زيارة إلى مستشفى نيوشام بارك المهجورة في ليفربول، وأنفاق دريكلو، وهي قاعدة عسكرية سابقة تحت الأرض في وورشيسترشاير.

ويقال إن هذين الموقعين مسكونان بالأشباح، ويتراوح سعر الرحلة من 14 جنيهًا اسرلينيًا إلى 64 جنيهًا استرلينيًا للفرد.

وتقول جيسيكا غلادوين، مؤسسة تلك المجموعة، والمالكة لها: “يشارك في هذه الرحلات أناس من شتى التوجهات. ويواظب على حضورها من لديهم شغف بمطاردة الأشباح، أما باقي المشاركين، فمنهم من يرغمهم أصدقاؤهم على الحضور معهم، على الرغم من أنهم لا يؤمنون بوجود أشباح في الحقيقة، ومنهم من يتمنى من كل قلبه أن يرى أي شيء”.

ولنعد مرة أخرى إلى الولايات المتحدة، حيث توجد طريقة أخرى يستطيع بها المحقق في مجال الظواهر الخارقة للطبيعة أن يجني المال، وهي أن يقدم أحد برامج تلفزيون الواقع، مثل إليزابيث سينت، التي تقول إنها كثيرًا ما كانت ترى أشباحًا وهي طفلة.

وأُختيرت إليزابيث سينت، إحدى أعضاء فريق “ميريلاند بارانورمال ريسيرش” لمطاردة الأشباح، العام الماضي لتكون ضمن فريق من ثلاثة محققين في مجال الظواهر الخارقة للطبيعة يمارسون التحري في مدينة شبردستاون في إطار حلقات برنامج تليفزيوني أمريكي يسمى “أشباح شبردهاوس”، الذي تصدر قائمة البرامج الأعلى مشاهدة في قناة “ديستينيشن أمريكا”، إحدى قنوات شبكة ديسكفري.

تجارة تتطلب مهارة

وفي حين يهدف المحققون في مجال الظواهر الخارقة للطبيعة إلى مساعدة الشخص أو الشركة في تأكيد المزاعم بوجود شبح في المكان أو نفيها، فإنهم لا يطهرون المكان من الأشباح الموجودة فيه.

فهذه المهمة توكل في المعتاد للوسطاء، أي الأشخاص الذين يزعمون أن لديهم القدرة على التواصل مع الموتى، وهؤلاء يتقاضون عادةً أجرًا مقابل القيام بمهامهم.

مريوري ريفييرا، البالغة من العمر 47 سنة، من مدينة بيتسبرغ، تنحدر من عائلة ممتدة من الوسطاء والمعالحين الروحانيين، من ناحية الأم.

وتقول ريفييرا: “نحن نستأجر كهربائي لإصلاح الأسلاك، لأننا لا نريد أن نعبث بأشياء نجهلها، وأنا أتعامل مع الطاقة، كما يتعامل الكهربائي مع الأسلاك”.

وأردفت قائلة: “توصلت إلى أن طرد الأرواح يتطلب مهارة يجب أن أتدرب من أجل ممارستها، كما يتدرب السباك والكهربائي على ممارسة مهنتيهما، ولذا قررت أن أتقاضى أجرًا مثلهما، وعلى هذا الأساس حددت قيمة أتعابي”.

وتتقاضى ريفييرا، التي ينحدر أحد أبويها من الكونا، السكان الأصليين لمدينة بنما وكولومبيا، 150 دولارًا مقابل طرد الأرواح، بغض النظر عن عدد المرات التي تزور فيها المكان.

وتظهر نتائج استطلاعات الرأي أن نحو ثلث الشعب الأمريكي والبريطاني يؤمن بوجود الأشباح، فإذا سمعت أصواتًا مخيفة، وغامضة في جوف الليل، فبمن ستتصل؟

مطاردة الأشباح .. وظيفة حقيقية في أمريكا.. هل تريد ممارستها؟

 

المصدر : BBC عربي

اظهر المزيد

عمرو المصري

صحفي وباحث وكاتب محتوى.. مصري .. شارك في تحرير وإدارة العديد من المواقع المصرية والعربية من بينها بلاحدود والضحى والمنصة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى