آدم وحواءالأكاديميةالعدالةدين ودنيا

القانون أقره منذ 100 سنة.. لماذا يتزوج المصريون على مذهب الإمام أبو حنيفة؟

حالة من الجدل العام في الشارع المصري حول مسألة اعتماد مذهب الإمام أبو حنيفة النعمان في الزواج، على الرغم من أن المصريين على المذهب الشافعي، وذلك في الوقت الذي يعتبر فيه الزواج من العقود المقدسة التي شرعها الله سبحانه وتعالى، وبناء على هذا العقد يحل للرجل الاستمتاع بالمرأة وفقا للشروط التي وضعتها الشريعة الإسلامية.

هذا الجدل الدائر طرح حزمة من التساؤلات عن سبب الزواج على المذهب الحنفي، على الرغم من أن الزواج على الكتاب والسنة فقط – كما هو معلوم – والكتاب والسنة يتضمنان كل التشريع لعلاقة الأزواج ابتداء من الخطبة وحسن المعاملة بين الأزواج والطلاق أو التسريح وحق الميراث، فلماذا الرجوع لمذهب أبو حنيفة في الزواج؟ خاصة وأن المعروف أيضاَ أن عقد الزواج لا يشترط وجود مذهب على الإطلاق، لأن الجواز حق شرعي أكثر من كونه قانوني إلا إذا كان المذهب كمرجع قانوني في المحاكم فقط ولكنه ليس أساسي في صيغة الزواج.

لماذا يتزوج المصريون على مذهب الإمام أبو حنيفة؟

في التقرير التالي، تلقى منصة بلاحدود الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتمثل في سبب زواج المصريين على مذهب الإمام أبو حنيفة النعمان على الرغم أن المصريين على المذهب الشافعي، ولماذا المذهب الحنفي دون باقي المذاهب المعترف بها؟ ولماذا انحاز القانون المصري لزواج على مذهب الإمام أبو حنيفة؟ وهل هناك نقاط خلاف بين مذهب ابي حنيفة وباقي المذاهب؟ وهل يبطل العقد لو لم يتم الزواج على المذهب الحنفي؟ وبما أنه المذهب الوحيد المعترف به في المحاكم المصرية لحل النزاعات الأسرية، فلماذا يذكر في صيغة الزواج الشفوية، لماذا لا يكتب بند في العقد يمضي عليه الطرفين؟ ولماذا لا يتضمن الطلاق ذكر المذهب كما يحدث في الزواج؟

وللإجابة على حزمة الأسئلة تلك – يقول محمود البدوي، الخبير القانوني والمحامي بالنقض، أنه وفقاً لنص المادة 180 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بالمرسوم بقانون 78 لسنة 1931م ، والمادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955م: بأن تصدر الأحكام في الأحوال الشخصية طبقًا لأرجح الأقوال من مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله، ما عدا الأحوال التي ينصُّ فيها قانون المحاكم الشرعية على قواعد خاصَّة؛ فيجبُ فيها أن تصدُرَ الأحكام طبقًا لتلك القواعد – هذا مع أن الاتفاق على كون الزواج على مذهب الإمام أبي حنيفة لا يستلزم أن يكون الطلاق كذلك أيضًا.

لماذا المذهب الحنفي دون باقي المذاهب المعترف بها؟

وبحسب “البدوى” فإن مذهب الإمام أبو حنيفة هو المذهب المعتمد فى الزواج، لأن القضاء المصري اعتمده منذ أكثر من قرن “100 سنة”، فمنذ عام 1930 استحدث نظام التوثيق بعقود الزواج على هذا المذهب، ومن منطلق ما اتفق عليه من أن مذهب أبو حنيفة نصر المرأة وأعطاها الأهلية الكاملة لإنشاء عقد النكاح وبقية العقود الأخرى، سواء فى التصرف المالي أو غيره من العقود، ومن ثم رأي الإجماع أنه المذهب الأكثر اتساقاً مع الشخصية المصرية التي تحترم المرأة تقدر دورها منذ فجر التاريخ.

ووفقا للخبير القانوني – حينما يقول المأذون – زوجتك موكلتي- فهذه العبارة بها دقة فقهية بالغة، لأن الوكالة لا تكون إلا عن حق ثبت للأصيل أي أعطى المرأة حقوقها فى الوكالة والملك، وفى تفويض حقها للغير وهو أمر له وجاهة في الطرح واحترام لشخصية المرأة وتقدير لها، وكذا يعترف بحقها الكامل وغير المنقوص في تحقيق غاياتها من النكاح ووفقاً لرضاء كامل منها، إلا أن العلماء أجازوا تغير هذا المذهب خصوصًا، وأن الشريعة لا تفرض مذهبًا معينًا دون غيره، طالما فى إطار الفتوى والاجتهاد.

لماذا انحاز القانون المصري لزواج على مذهب الإمام أبو حنيفة؟

القانون المصري للأحوال الشخصية يستند إلى المذهب الحنفي، لأنه عند عقد القران تقول المرأة لمن تريد الزواج منه: “زوجتك نفسي، ويقول الرجل: قبلت على مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان”، والزوجين يقولان هذه الصيغة، ويلتزمان بها تحسبًا لأي خلاف يقع بينها، والقاضي يحكم بالقانون المأخوذ من المذاهب الإسلامية، وعلى رأسها مذهب أبي حنيفة، وأنه يرجع في بعض المسائل التي لم ينص عليها القانون إلى فقه أبي حنيفة، واجتهادات الأحناف فيها للحكم بالراجح منها في كل مسألة – الكلام لـ”البدوى”.

هل هناك نقاط خلاف بين مذهب ابي حنيفة وباقي المذاهب؟

الإمام أبي حنيفة النعمان لا يشترط عدالة الشهود في الزواج، فينعقد بحضور الفاسقين، إلا أن عدالة الشهود عند المذاهب الأخرى شرط في صحة عقد النكاح، وأن الإمام الشافعي قال إنه شرط ولا ينعقد إلا بحضور من ظاهره العدالة، واحتج بما روي عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: “لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل”.

كما أن الآخذين بمذهب أبي حنيفة قصدوا الخروج من مشكلة عدالة الشهود، ورفع العنت والحرج عن الناس في أمر لا غنى لهم عنه وهو الزواج، واضعين في الاعتبار أن الأصل في المسلم العدالة دون التفتيش في أفعال المسلمين ونياتهم، كما أن عصرنا الحاضر كثرت فيه أعداد المسلمين وتناءت الديار بينهم ولم يعودوا أسرًا وقبائل كما كان الحال في العصور السابقة.

هل يبطل العقد لو لم يتم الزواج على المذهب الحنفي؟

إذا لم يلتزم الشخص عند عقد النكاح بجملة: “زوجتك نفسي على مذهب الإمام أبي حنيفة” فعقد الزواج صحيح ولا بطلان ولا ضرر فيه.

اشتراط الولي وعدمه عند الأئمة الأربعة

الإمام أبو حنيفة

إنّ مذهب الإمام أبي حنيفة أيسر المذاهب في إنشاء عقد الزواج، ويعطي للمرأة أهلية كاملة في عقد الزواج، مثلما يكون لديها أهلية لأي عقد مالي كحساب في البنك أو عقد تجاري.

يرى الإمام أبو حنيفة أن البالغة الرشيدة لا ولاية لأحدٍ عليها، فلها أن تزوِّج نفسها بأن تباشر عقد نكاحها بكرًا كانت أم ثيبًا، وحَصَرَ الولايةَ الحقيقيةَ في الصغيرةِ غير البالغة، وجعل الولايةَ على البالغة الرشيدة وكالةً وليست ولايةً.

مذهب المالكية

يرون أن الولى من شروط صحة الزواج ولا نكاح إلا بولي مطلَقا بكرا كانت أو ثيبا شريفَة كانت أو دنِيَّة رشيدةً أو سَفِيهَةً أَمَةً أو حُرَّةً أَذِنَ وَلِيُّهَا أَمْ لَا، لأن الكتاب والسنة صرحا بذلك، فلا معنى لما خالفهما.

مذهب الشافعية

يرون أن الولي شرط فى نكاحها ولا يصح العقد الا به وليس لها أن تنفرد بالعقد على نفسها، وإن أذن لها وليها، سواء كانت صغيرة أو كبيرة، شريفة أو دنية، بكرا أو ثيبا.

مذهب الحنابلة

يرون أن شرائط النكاح وهي خمسة أحدها: الولي فإن عقدته المرأة لنفسها أو لغيرها بإذن وليها أو بغير إذنه لم يصح.

رأى دار الإفتاء في الإشكالية

وسبق للدكتور شوقى علام، مفتى الديار المصرية، الإجابة على مثل هذا السؤال بإن مذهب الإمام أبو حنيفة هو المذهب المعتمد فى الزواج، لأن القضاء المصرى اعتمده منذ أكثر من 100 سنة تقريبا.

وأضاف “علام” في فتوى سابقة له، أنه منذ عام 1930 استحدث نظام التوثيق بعقود الزواج على هذا المذهب، قائلًا: “إن مذهب أبو حنيفة نصر المرأة وأعطاها الأهلية الكاملة لإنشاء عقد النكاح وبقية العقود الأخرى سواء فى التصرف المالى أو غيره من العقود”، وتابع: “إنه حينما يقول المأذون (زوجتك موكلتى) فهذه العبارة بها دقة فقهية لأن الوكالة لا تكون إلا عن حق ثبت للأصيل أى أعطى المرأة حقوقها فى الوكالة والملك وفى تفويض حقها للغير”.

وأشار مفتي الجمهورية، إلى أن العلماء أجازوا تغير هذا المذهب خصوصًا وأن الشريعة لا تفرض مذهبًا معينًا دون غيره، طالما فى إطار الفتوى والاجتهاد.

اظهر المزيد

منى توفيق

صحفية وباحثة وكاتبة محتوى.. مصرية .. شاركت في تحرير وإدارة العديد من المواقع المصرية والعربية من بينها بلاحدود والضحى والمنصة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى