مساحة للاختلاف

الدكتورة فرخندة حسن تكتب: شائعة نهاية العالم في سبتمبر

إن احتمال سقوط أي من الكتل الفضائية علي الأرض هو احتمال قائم ولا يمكن منع حدوثه وأيضا يصعب التحوط له أو تحديد مكان سقوطه بدقة وهو ظاهرة طبيعية تحدث بصورة مستمرة.

أعلنت بعض وكالات الابحاث الفضائية في عدد من الدول عن أن أحد الاجسام التي تسبح في الفضاء يقترب في إتجاه الارض وإحتمال إرتطامه بها في الفترة من 22 إلي 28 سبتمبر 2015 وحددها البعض في يوم 24، وهي ظاهرة طبيعية تجري بإستمرار. تناولت وكالات الانباء ووسائل الاعلام الخبر وأضافت ان الارتطام قد يتسبب في تدمير الارض، وانتشرت الشائعات والمعلومات غير العلمية عن احتمال ان يكون هذا الحدث هو نهاية العالم وهو ما أثار القلق والخوف عند الناس..

وهذه ليست بالمرة الاولي التي تثار فيها مثل هذه الشائعات فقد أثيرت مرات عديدة في اوقات سابقة لدرجة انه في احدي المرات حدث انتحار جماعي لعدد كبير من الناس الذين اصابهم الرعب القاتل بسبب الشائعة، لذا قد يكون من المهم التعرف علي حقيقة هذه الظاهرة وتفهمها. فهناك في الفضاء فيما بين الكواكب تسبح اعداد هائلة من الكتل الصخرية هي بقايا المادة التي تكونت منها الشمس والمجموعة الشمسية..

فالشمس مثلها مثل باقي النجوم نشأت في ما يسمي سحابة كونية تتكون من جسيمات متناهية الصغر هي المكونات المعروفة للذرات أي البروتونات والنيترونات… إلخ تنكمش هذه السحابة ذاتيا لتتركز أغلب المادة في مركزها فتزداد فيه الكثافة ويزداد الضغط وترنفع الحرارة بدرجة كبيرة، وفي الوقت نفسه تكتسب السحابة صفات جديدة فتبدأ في الدوران حول نفسها وينشا تبعا لذلك مجال مغناطيسي يغلفها.

اذا ما ارتفعت درجة حرارة مركز السحابة إلي حوالي المليون درجة مطلقة نجد ان هذه الجسيمات الدقيقة تندمج مع بعضها البعض وتبدأ سلسلة من التفاعلات النووية ينتج عنها طاقة هائلة في صورة ضوء وحرارة ويتوهج المركز ويضئ ويصبح نجما، وهكذا تولد النجوم وهكذا ولدت الشمس.

وان كان اغلب المادة تتجمع في الشمس الا ان البعض القليل منها يظل خارجها في شكل قرص يدور حولها تحت تأثير المجال المغناطيسي، يبدأ في التكتل في كتل متفرقة تدور حول نفسها وحول الشمس وتتطور بمرور الزمن مكونه المجموعة الشمسية التي تضم الكواكب واقمارها والمذنبات والكويكبات بالاضافة لذلك تظل هناك بقايا للمادة في صورة كتل صخرية متفرقة تختلف في الحجم والوزن اختلافا كبيرا فقد تكون صغيرة جدا في حجم حبة الرمل وتزن جراما أو اقل وقد تكون كبيرة الحجم وتزن عشرات الاطنان تسبح هذه الكتل في فضاء المجموعة الشمسية وقد تسقط من آن إلي اخر علي اي من هذه الكواكب ومن ضمنها الارض، وهي ظاهرة طبيعية تماما وتحدث باستمرار وتقريبا يوميا.

واكاد اجزم ان قدماء المصريين هم اول من راي نيزكا يسقط فعلا وإلا ما كانوا قد اطلقوا عليه اسما هيروغليفيا «بيا- إن- بيت» ومعناه حجر من السماء وكان نيزكا حديدياً التقطوه وصنعوا منه خنجراً ومسنداً لرأس الفرعون الصغير توت غنخ امون وهما معروضان في المتحف المصري بالقاهرة.

عندما تلج اي من هذه الكتل الصخرية الغلاف الجوي للارض تتولد حرارة شديدة تتسبب في توهجها نتيجة لاحتكاكها بجزئيات الهواء وحينئذ تسمي شهابا،تنطلق الشهب في السماء بسرعة شديدة وقد تتبخر وتتلاشي وقد ينفذ الشهاب من الغلاف الجوي إلي الفضاء مرة اخري ويختفي وقد يسقط علي الارض وعندما يلامس سطح الارض وعندئذ فقط يطلق عليه نيزك فاسم نيزك لا يطلق علي الكتل الصخرية ما دامت في الفضاء أو في الغلاف الجوي لكن فقط عندما تلامس سطح الارض.

وعندما يسقط النيزك علي الارض يحدث فوهة تشبه فوهة البراكين تختلف مساحتها بحسب حجم النيزك ووزنه وقد يغوص في باطن الارض. بعض النيازك لها شهرة بين علماء هذا المجال قد تكون بسبب حجمها مثل نيزك ناميبيا في افريقيا الذي يزن حوالي 60 طن ونيزك جرينلاند ويزن حوالي 31 طنا وهو معروض في متحف التاريخ الطبيعي في نيويورك في الولايات المتحدة وقد تكون بسبب ما صاحب سقوطها من احداث مثل نيزك سيبيريا في روسيا او بحسب نوع وطبيعة تكوينها مثل نيزك النخلة (Nakhlilte) الذي سقط في مصر بالقرب من دمنهور علي نخلة وكلب ضال.

ويكتسب نيزك النخلة شهرته واهتمام العلماء من ان طبيعة وخواص صخوره تختلف نوعا ما عن باقي النيازك مما يشير إلي احتمال اختلاف نشأته ومازالت البحوث تجري حوله. كما ان هناك نيازك ترتبط بمفاهيم دينية وعقائدية ولعل اهمها واشهرها علي الاطلاق هو نيزك « الحجر الاسود» في الكعبة المشرفة. ان احتمال سقوط اي من الكتل الفضائية علي الارض هو احتمال قائم ولا يمكن منع حدوثه وايضا يصعب التحوط له او تحديد مكان سقوطه بدقه وهو ظاهرة طبيعية تحدث بصورة مستمرة ويقدر متوسط ما يسقط منها علي الارض بحوالي خمسمائة نيزك سنويا، وقد تسبب بعض هذه النيازك أضراراً متباينة وخاصة اذا كانت كبيرة وهذا وارد الا انه وعلي مدي ما يزيد علي اربعة بلايين ونصف البليون سنة هو عمر الكواكب لم يحدث ان تم تدمير اي منها بسببب سقوط نيازك عليها حتي الان.

اظهر المزيد

د. فرخندة حسن

(1930 - 30 أكتوبر 2020) .. سياسية وأكاديمية مصرية، والأمين العام الأسبق للمجلس القومي للمرأة، حصلت على بكالوريوس علوم من جامعة القاهرة، قسم كيمياء جيولوجيا، عام 1952م، دبلوم علم النفس والتربية، 1953، ماجستير جيولوجيا من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، 1966م، دكتوراة في الجيولوجيا من جامعة بيتسبرغ بالولايات المتحدة، 1970م، حاصلة على وسام الفنون والعلوم من الدرجة الأولى، 1980م. عملت أستاذة الجيولوجيا بالجامعة الأمريكية بالقاهرة. عضو بمجلس الشعب للفترة من 23 يونيو 1979م وحتى 20 مارس 1984م. عضو بمجلس الشورى للفترة من 1986 وحتى 1989م ورئيس اللجنة البرلمانية للتنمية البشرية. عضو بالمجلس البرلماني الأورومتوسطي. عضو بالشبكة البرلمانية للبنك الدولي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى