مساحة للاختلاف

صلاح منتصر يكتب: سيجارة مصطفى وسيجار هيكل

قبل 20 أو حتى عشر سنوات كان ممكنا وأنا أحرض المدخنين على التحرر من سجن السيجارة أن أتحدث عن أضرار التدخين وآثاره الصحية على المدخن . اليوم يبدو من عدم اللياقة ان افعل ذلك .

فليس هناك مدخن لا يعرف عن أضرار التدخين . وفى كل العالم لا يستطيع أى مدخن إشعال سيجارة فى طائرة أو مطعم أو مقهى او فندق او سينما او مطار أو أتوبيس ، ولو فعل ذلك لوجد نفسه مقبوضا عليه ، واذا لم يستطع ان يكبح جماح نفسه فعليه ترك المكان والخروج الى الشارع بعيدا أو يدخل الغرفة الزجاجية الموجودة فى المطار المخصصة للمدخنين والذين يبدون من وراء جدرانها الزجاجية كمنبوذين من المجتمع .

وقد التقيت مدخنين يضيقون بما اكتبه عن التدخين خاصة فى مناسبة 9 فبراير ، وبعضهم ذكر أنه يكرهنى من أول جملة أتحدث فيها عن التدخين لانهم يعرفون أننى سأعكنن عليهم ،مع اننى والله لا اكتب عن التدخين إلا حبا لهم وأملا أن يجربوا الحياة بدون التدخين وسوف يجدونها أجمل وأحلى وأنظف .

وقد دخلت شخصيا سجن التدخين وتحررت منه . وفى البداية كنت مجنونا بالسيجارة التى كنت أراها تتدلى دوما من فم الاستاذ مصطفى امين إلى أن ثار عليها وفعصها تحت قدمه وهو فى السجن وطلقها الى الابد، وبعد السيجارة ادمنت السيجار تشبها بالاستاذ هيكل الذى خيل لنا أن جزءا من عبقريته فى سيجاره ، وهو ماوقع فيه كثيرون أثر عليهم هيكل وغير حياتهم بسبب السيجار، وقد تحرر هو منه وبقوا هم يعانون ثمن السيجار الذى ادمنوه دون ان تلمع عبقرية واحد منهم !

وشاهدت فى مشوارى أناسا مشهورين انقصف عمرهم بسبب السيجارة ، ورأيتهم يتمنون لو عاد بهم الزمن ليعيشوا حياتهم بدون تدخين . كما رأيت مدخنين تحرروا وأصبحت حياتهم طويلة وسعيدة مما جعلنى أتمنى لكل مدخن هذه النعمة . ومع أننى أكره التدخين لكننى لا أكره المدخنين وإنما أشفق عليهم وأكتب ما أكتبه حبا وأملا !

اظهر المزيد

صلاح منتصر

(6 أغسطس 1933 - 15 مايو 2022) .. كاتب وصحفي مصري شهير بجريدة الأهرام وصاحب عمود يومي بعنوان مجرد رأي. تولى منصب رئيس تحرير ورئيس مجلس إدارة مجلة (أكتوبر) ورئيس مجلس إدارة (مؤسسة دار المعارف) للطبع والنشر. ومن أشهر مقالاته (أنت سيد قرارك) المقررة على الثانوية العامة والتي تدعو إلى الإقلاع عن التدخين. كما كان عضوًا لمجلس الشورى وعضوًا للمجلس الأعلى للصحافة في مصر، ورئيسًا لمجلس إدارة المركز الإعلامي العربي. ولد وتربى في مدينة دمياط، والتحق بكلية الحقوق ثم قام بالعمل مع الأستاذ حسنين هيكل كصحفي بمؤسسة الأهرام إلى أن وصل إلى أعلى درجات الصحافة، ثم بدأ بالكتابة بعموده الشهير «مجرد رأي» والذي اشتهر به خلال السنوات الماضية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى