الدكتور شوقي السيد يكتب: الإرهاب يندد بالعدالة فى كل مكان!
لم يعد مشهد تكدس القضايا.. واساءة استعمال حق التقاضي.. وتأخر الفصل فيها مع كثرة التشريعات وتعارضها أحيانا، وما تحدثه من تناقض واختلاف عند التطبيق، لم يعد هذا المشهد الذى تتأذى منه العدالة، هو المشهد الوحيد، وانما صارت التعليقات على الأحكام القضائية، والنقد غير المباح علنا ومن السياسيين والنشطاء غير القانونيين.. وكل من هب ودب..
ولم يكن مشهد التعليق على الأحكام او نقدها مفاجئا او جديدا.. اذ يعود الى سنوات طوال.. حيث استمرت التعليقات.. والتبريرات وتوجيه اللوم والنقد.. بصورة لم يسبق لها مثيل بعد أن أطل علينا الارهاب برأسه وجاهر بوجوده، زاد التجرؤ الفج على التعليق على قرارات النيابة العامة ونقد الأحكام القضائية فى كل صوب واتجاه، فاذا كان التصرف بالحفظ وبألا وجه لاقامة الدعوي، كانت الأصوات العالية تصول وتجول وتوجه أصابع الاتهام بالتواطؤ او المجاملة.. واذا كان التصرف بالاحالة كانت النيابة موجهة ومسيسة.. وكأنها تعمل لمصلحة السلطان، رغم أنها على طول عهدها وبعد كفاح، هى شعبة من شعب القضاء، وتتمتع بالحياد والاستقلال وكل ضمانات القضاء..
كذلك لم تسلم أحكام القضاء من التعليق والنقد، فاذا تأخر الفصل فى القضية كانت العدالة ظالمة حتى ولو كان الوقت لأسباب تتعلق بتحقيق العدالة.. واذا قضت بالبراءة كانت الأصوات اتهاما بالتسرع والاخلال بحق الدفاع ومخافة القانون والاتهام بالتقصير والتهكم بمهرجان البراءة.. واذا كانت بالادانة وأقصى العقوبة كانت الأحكام خاطئة وبأنها أحكام مسيسة!! كل ذلك أيها السادة لأن السياسة صناعة رديئة لا تفرز أفضل العناصر.. ويزداد صخبها وهجومها وتناقضها لأسباب تعكس الأغراض السياسية التى غالبا ما تكون معبرة عن الهوى بعيدة عن الحيادية والموضوعية مطلقا!!
ولأن أحكام القضاء هى عنوان الحقيقة، والطعن عليها او نقدها لا يكون إلا امام ساحة المحاكم ودرجاتها، لمحاكمة الحكم تأييدا او الغاء.. ولأن القانون علم وصياغة وفن، وتطبيقه يحتاج الى قواعد وأصول لا يعرفها إلا من تلقى العلم عنها، لهذا جاز التعليق والنقد فى الكتب العلمية المتخصصة.. او المحاضرات والندوات العلمية بين العلماء والمتخصصين.. ولذات الأسباب كان التعليق على الأحكام خارج هذا الطريق محظور محظور..
واسباب الحظر أيها السادة.. إن المعلقين.. والناقدين.. المؤيدين او المهاجمين.. فى الصحافة.. او الشاشة الصغيرة.. معظمهم من غير الدارسين.. او من النشطاء.. او السياسيين.. كان التعليق عليها علنا وامام الرأى العام.. يؤثر فيها.. ويتأثر بها.. وهو ما من شأنه ان يؤرق العدالة ومهابتها امام الناس.. ولهذا كانت هذه التعليقات محظورة ومجرمة، ويصفها القانون الانجليزى بجريمة «امتهان العدالة» ويقرر لها عقابا رادعا، وعندنا فى مصر فهى جريمة منذ أن قدم وزير الحقانية على ماهر الى مجلس الوزراء بتاريخ 8 فبراير 1931 تعديلا على قانون العقوبات «الأهلي» بالمادة 165 لتجريم كل حديث او تعليق او نشر من شأنه التأثير على سير العدالة، ولم يقف المجلس الأعلى للقضاء من هذه الظاهرة موقفا متفرجا.. اذ تصدى لها ووقف ضدها بقوة منذ عام 1986 أى منذ نحو ثلاثين عاما، بقرارات تزداد لغته حدة فى كل مرة تحذيرا لرجاله.. وغيرهم ممن يشاركون فى هذا الاثم، حتى وصلت أخيرا هذه الحالات الى مجالس التأديب والصلاحية.. فقررت عدم صلاحية القضاة الذين يشاركون فى السياسية.. او يعلقون على الأحكام فقررت انهاء خدمتهم.. او احالتهم إلى وظائف غير قضائية.
وفى ظل جماعة الارهاب لم تقف الظاهرة داخل البلاد وحدها.. بل تفاقمت هذه الظاهرة فى اجواء الارهاب فتمتد خارج البلاد للترويج والاتهام والاساءة الى النظام.. سواء فى الأروقة السياسية او المحافل الدبلوماسية والحقوقية.. او امام المحكمة الجنائية الدولية بمناسبة صدور تحقيقات وقرارات النيابة العامة، او أحكام القضاء، التى صدرت فى مواجهة قضايا الارهاب ضد عدد كبير من الارهابيين،
انطلق المتهمون الهاربون من جماعة الارهاب فأطلقوا المسيرات والاحتجاج داخل البلاد وخارجها.. وجاهروا بالدعوة للتدخل فى شئون مصر.. والتعليق على الأحكام .. وتوجيه الانتقادات.. لأغراض سياسية اتسعت دائرتها داخل اتجاهات بعينها فى دول عديدة حتى تلك الدول التى تتشدق بالدعو ة للحريات وتتظاهر بحماية حقوق الانسان.. فتملأ الدنيا ضجيجا بتلك الشعارات.. فكانت المانيا.. والسويد.. ومفوضية الأمم المتحدة.. والبيت الأبيض.. ومنظمة الحقوق الدولية، وحتى تركيا التى تتناقض مع نفسها فترفض تدخل الغير فى شئونها وتطالب العالم بالتحرك ضد مصر.. وقد ندد بعض السياسيين والهاربين من جماعة الاخوان بالأحكام القضائية بالحكم داخل البلاد وخارجها.. وأعدوا أخيرا ملفا امام المحكمة الجنائية الدولية فى لعبة سياسية رخيصة للاساءة الى سمعة القضاء المصرى يتهم مصر بالابادة الجماعية وجرائم ضد الانسانية وطالبوا بالادانة والعقاب.. وكان قرار المحكمة الجنائية الدولية فى دائرة القانون لطمة كبرى فى وجه هؤلاء.. عندما رفضت قبول الملف.. ورأت عدم الاختصاص والأهلية لفحصها لأن مصر لم توقع على اتفاقية روما بإنشاء المحكمة.. فكان القرار مدويا.. واحتراما لمهابة العدالة فى مصر.. وردا القصر الخائنين من جماعة الإرهاب التى القرار مدويا.. واحتراما لمهابة العدالة فى مصر.. وردا لقصد الخائنين من جماعة الارهاب التى تندد بالعدالة فى كل مكان فى مصر.. وخارج البلاد!!